يقول
الدكتور علي الوردي في تحفته الفكرية كتاب "وعاظ السلاطين" :
"فالسيف وحده لا يكفي لتدعيم مبدأ من المبادئ الثورية ،
فإذا لم تتبدل القيم الفكرية ويخلع الناس عن عقولهم طابع الخضوع والجمود ، عجز
السيف بالقيام عن ثورة ناجحة "
أعظم مهمة ملقاة على عاتق السوريين في الداخل و الخارج
-بشكل خاص- هي الإعداد الفكري على شتى الأصعدة و المستويات و تحطيم الأوثان
المجتمعية و القيم البالية و مبادئ الخضوع و الخنوع و الهوان ونفض الغبار عن
العقول وطرد الأفكار الخاملة والمفاهيم المترهلة من قاموس العربي الجديد ، التي
كرثتها وعززتها المنظومة التعليمية المتهالكة و الآلة الإعلامية للأنظمة
الدكتاتورية الفاشية في عالمنا العربي ما بعد الاستقلال عن المستعمر الغربي
حتى يومنا هذا.
من أهم أولويات الوصول لغاية ما هي وضوح الرؤية وتحديد
الهدف بدقة ، كما يجب علينا قراءة التاريخ فهو أساس لفهم الحاضر و التنبؤ
بالمستقبل ، فهم روح العقيدة على أساس إيماني و إعادة صياغة فهمنا لها بما
يتماشى مع الوقت الذي نحن فيه لا أن نقف حيثما انتهى العلماء منذ مئات السنينن
عندما كان للأمة حظ من العلم لا يخفى على طلابه!
أخيراّ
وليس آخراً تكثيف التحصيل و البحث العلمي ، فهو مكمن القوة في زمن تتمايز فيه
الأمم برصيدها المعرفي و تحصيلها العلمي.
كما يعلم الجميع لا تقوم أمة بدون ثلاثة مقومات ألا وهي
: العلم و العمل مقرونان بالعقيدة السليمة القائمة على إيمانٍ خالص.
وينبغي
ألا نغفل عن شيء مهم لابد من ذكره في مقامنا هذا ، أن كل ماسبق لا يجدي نفعاً مالم
يتوافر مناخ كافي من الحرية و الاستقلالية على الصعيد الشخصي أولاً و على الصعيد
المجتمعي ثانياً.
فما
بالك لو أضيف إلى ما سبق ثروتين تذخر أمتنا بهما ، وهما ثروة المال و الثروة
البشرية.
هذا
المخزون الهائل من الشباب الذين تزيد نسبتهم عن 60% من أفراد المجتمع السوري يعتبر
كنزاً لا يقدر بثمن لكل أمة تنافس على السبق في سلم تصنيف الأمم و نواة لأي نهضة
حضارية ، لكن ينبغي أن يكون هناك توجيه صحيح لهذه الطاقات مقرون بدعم يغني هؤلاء
الشباب عن الانشغال بغير هدفهم الذي هو بالمحصلة هدف الامة جمعاء.
وبما
أن الله أكرمنا -كمغتربين- بأن هيّأ لنا مناخاً من الحرية الفكرية لم يُتح لغيرنا
من أبناء جلدتنا !
ينبغي
علينا أن نكون فتيل هذه الثورة و نواة النهضة الشاملة بدءاً بالعلم مروراً
بالأخلاق و انتهاءً بالعقيدة ، لنصل إلى مستوى من التقدم الشامل وهو ما يمكننا من
مواكبة النتاج الإنساني لشعوب الأمم المتقدمة .
إذاً
ما ينبغي علينا فهمه و تطبيقه بأن " مكمن قوة الثورات مرتبط بقوة رجال الفكر
فيها و صدق نواياهم "
فالأمل
منعقد بعد الله على أصحاب العقول النيِّرة
فالمحارب
ينقاد له عالِمٌ بسلطة القوة
أما
العالم فيقود جيشاً بسلطة العلم
لابد
من التنويه أيضاً أن ماسبق يندرج تماماً على الشعوب العربية قاطبة.
ولا
نقول ختاماً إلا كما قال الشاعر داعياً :
يَارَبِّ
هَيِّءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَــــــــــا رَشَداً
وَاجْعَلْ
مَعُونَتَكَ الحُسْنَى لَنَا مَدَداً
وَلَا
تَكِلْنَا إِلَى تَدْبِيرِأَنْفُسِنَــــــــــــــــــا
فَالنَّفْسُ
تَعْجِزُ عَنْ إِصْلاَحَ مَا فَسَدا
والحمدلله ...